- ندوات إذاعية / ٠09برنامج حياة المسلم - إذاعة حياة إف إم
- /
- ٠3برنامج حياة المسلم 3
مقدمة :
الدكتور محمد راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
المذيع:
باسمكم مستمعينا نرحب بفضيلة العلّامة المربي الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، حياكم الله أستاذنا وشيخنا .
الدكتور محمد راتب :
بارك الله بكم ، ونفع بكم ، وأعلى قدركم .
المذيع:
حفظكم الله دكتور ، وجزاكم عنا كل خير شيخنا الفاضل .
مستمعينا الكرام ؛ نتحدث اليوم نحن وإياكم عن ضوابط الخلاف والنزاع وإدارتهما ، نبدأ حلقتنا بقول الخالق سبحانه وتعالى :
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)﴾
وحينما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من آيات وصفات المنافق ، ذكر منها :(( عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ' أَربع مَنْ كُنّ فيه كان منافقا خالصا . وَمَنْ كانت فيه خَصْلَة منهن كانت فيه خَصْلَة مِنَ النِّفَاق ، حتى يَدَعَهَا : إِذا ائْتُمِن خَانَ ، وإِذا حَدّث كَذَبَ . وإِذا عَاهَدَ غَدَرَ . وإِذا خَاصَم فجر))
كيف يمكن لنا أن تكون هنالك خصومةٌ ، ونزاعٌ ، وخلافٌ فيما بيننا ، لكن يبقى له ضوابط تحثنا الشريعة على التقيد بها .شيخنا الحبيب ، بدايةً هل وجود نزاع ، أو خصومة ، أو خلاف بين الناس علامة على سوء الإنسان أم أن هذا جزء من الحياة البشرية الطبيعية ؟
الإنسان مخير فهو المخلوق الأول عند الله :
الدكتور محمد راتب :
أخي الكريم ، بارك الله بك على هذا السؤال الدقيق ، الآيةُ تقول :
﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) ﴾
الحقيقة الدقيقة الإنسان مخير ، لأنه مخير هو المخلوق الأول عند الله ، ولأنه المخلوق الأول أعطاه الله التخيير ، فهو يفعل أو لا يفعل ، كأن الله عز وجل حمله الأمانة ، الأمانة أن يدير نفسه ، معه إدارة نفسه ، فله أن يستقيم ، أو ألا يستقيم ، له أن يصدق ، أو ألا يصدق ، لأنه هو حمل الأمانة ، الأمانة أن يكلف بإدارة نفسه ، الإدارة التي يسعد بها ، أو يشقى بها :﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾
يوجد إنسان يؤمن بشهواته ، أو بمصالحه ، أو بأنانيته ، إنسان يؤمن بالله عز وجل، يؤمن بالله العادل ، بالله الرحيم ، فبحسب العقيدة ، ومرتبة الإيمان يتصرف الإنسان ، فالمؤمن ملتزم بشرع الله عز وجل ، يخضع لهذا الشرع ، ولا يعبأ بمصالحه ، فهو في طاعة لله .﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)﴾
حقق خيري الدنيا والآخرة ، فالآية تقول :﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾
الاعتماد على المقياس الإلهي دائماً :
عندنا قرآن ، وعندنا سنة ، القرآن كلام الله عز وجل ، قطعي الثبوت ، والسنة شرحٌ لهذا القرآن الكريم ،
﴿ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾
فنحن حينما نعتمد المقياس الإلهي ، وحي السماء ، تشريع النبي المعصوم ، القضية سهلة جداً ، مادام عندنا مرجع ، لنا حكم ، والحكم منزه عن الظلم :﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾
اختلف زوجان ، الزوج يطالب بحقه من زوجته ، الزوجة تهمل هذا الحق ، فالحق صار على الزوجة ، أو بالعكس أحياناً﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾
بمعنى أي شيءٍ لاستغراق الأفراد الدقيقة جداً ،﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾
عندنا أمر ، ونهي ، عندنا ثواب ، وعقاب ، عندنا حق ، وباطل ، عندنا يجوز ، و لا يجوز ، عندنا هذا الشيء يرضي الله ، وهذا الشيء يغضب الله ، معنا شرع ، معنا تعليمات الصانع ، معنا تعليمات الخالق ، معنا تعليمات الخبير ، معنا تعليمات الحق المطلق﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾
هذا هو الإيمان ، الإيمان أن تخضع لحكم الله ، غير الإيمان ، عدم الإيمان أن تخضع لمصلحتك أحياناً ، أو لنزواتك ، أو لشهواتك ، فإما أن تخضع لمنهج الله .لكن بالمناسبة ؛ ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً طاهرة تسري خلالها .
المذيع:
شيخنا الحبيب ؛ إذاً الضابط الأول الذي ترشد فضيلتك له هو أن يحتكم كلا المتخاصمين إلى شرع الله سبحانه وتعالى ، وأينما يكون الشرع يكون الحق ، والاتباع .
الآن دكتور أحياناً يكون هناك تفسير ، كل إنسان بهذا الموقف مختلف عن الآخر ، وبالتالي لا يستطيع كل شخص منهم أن يعرف بالضبط ما له ، وما عليه ، شيخنا الإنسان دائماً يفسر الأمور وفق مصلحته وهواه ، لا يفسرها وفق الحقيقة .
اختلاف الأمة رحمة :
الدكتور محمد راتب :
لكن النقطة الدقيقة أنه يوجد ضروريات في الدين ، الآيات واضحة ، قطعية الدلالة، أي : أعطِ فلاناً ألفاً وخمسمئة ليرة ، واضحة ، لا تحتاج إلى خصم ، ولا إلى حكم ، ولا إلى تفاهم، ولا إلى تعاون ، أعطِ فلاناً ألفاً وخمسمئة درهم ، انتهى الأمر ، هذا النص واضح ، قطعي الدلالة ، لا خلاف فيه ، أما لو قلت : أعطِ فلاناً ألف درهمٍ ونصفه ، هذا النصف يحتمل ألفاً وخمسمئة ، وألفاً ونصف درهم ، لو أعدنا الضمير على الألف يكون ألفاً وخمسمئة ، لو أعدنا الضمير على الدرهم يكون المبلغ ألفاً ونصف درهم .
لذلك من الحكمة الإلهية أنه يوجد أحكام قطعية الدلالة ، تتعلق بالفرائض ، بالمحرمات ، بالكليات ، بالأساسيات ، وهناك تفاصيل ، هذه التفاصيل تختلف من إنسان إلى إنسان ، من وضع إلى وضع ، من بيئة إلى بيئة ، بالتفاصيل يوجد اختلاف ، هذا الاختلاف رحمة ، حتى ورد ـــ اختلاف أمتي رحمة ـــ
المذيع:
لكن أحياناً عفواً شيخنا ، عند هذا الاختلاف كل إنسان يدعي بأن الحق من طرفه ، على سبيل المثال : شركة تجارية بين اثنين من الشركاء ، أحدهما مثلاً سوف يفسر على سبيل المثال أنه يقوم بجهد أكبر ، والشخص الآخر يقول : أنا سعيت جهدي لكنني مثلاً لم أوفق لجلب بعض الزبائن للشركة ، عند غياب ذات التفسير بين الشركاء سيحصل هنالك خصومة ، ومنازعة، كيف يدار هذا التفسير الخاطئ للطرفين ؟
الاحتكام عند الاختلاف إلى الله عز وجل :
الدكتور محمد راتب :
الآية الأولى التي ذكرتها قبل قليل :
﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾
الله ماذا قال :﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾
القضية فيها اختلاف ، قد يكون اختلاف مصالح ، اختلاف شهوات ، اختلاف حظوظ ، لكن الآية تقول :﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ ﴾
لا إلى النزوات ، لا إلى الشهوات ، لا إلى المصالح ، لا إلى الأنانيات ،﴿ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾
لذلك ينبغي أن نرفع الأمر إلى القاضي ، أو إلى أحد وجهاء العائلة ، دائماً وأبداً الحق مريح للطرفين معاً﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾
النقطة الدقيقة جداً أن نسأل نحن العلماء ، أن نستفتي ، أن نرفع الأمر لقاض أحياناً، إذا كان هناك خلاف سببه المصالح ، أو تشابك المصالح ، أو أثرة المصالح ، نحتكم إلى الله عز وجل .المذيع:
جميل ! إذاً للآن ضابطان شيخنا من ضوابط إدارة النزاعات والخلافات ، أولاً اعتماد مقياس الشرع ، وإذا لم تتضح الأمور لبعض التفاصيل ، أن يكون هنالك حكمٌ أو قاض ليحكم بين المتنازعين .
الآن شيخنا سأعود مع فضيلتكم ، إلى قضية بدأنا فيها الحلقة ، من الآية الكريمة :
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ﴾
هل النزاع شيخنا سبب الفشل ، أي النزاع بين الزوجين مدعاة لفشل الأسرة ، وبين الشريكين لفشل الشركة ؟التعاون قوة :
الدكتور محمد راتب :
الفشل هنا يعني الضعف ، حينما نتعاون نقوى ، وحينما نتنازع نضعف ، دائماً وأبداً التعاون قوة ، التعاون فيه أمر إلهي .
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾
تعاونوا على البر ؛ صلاح الدنيا ، والتقوى ؛ صلاح الآخرة ،﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾
نحن عندنا أمر إلهي نؤمرُ به ، أن نتعاون على البر والتقوى ، لذلك :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)﴾
وهناك ملمح جديد بآية ثانية ، الملمح الجديد أن النبي يطاع استقلالاً ، يوجد حديث صحيح عن رسول الله لا يقابله شيء بالقرآن إطلاقاً ، النبي وحده لأنه معصوم يطاع استقلالاً ،﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾
أما أولو الأمر فالطاعة مرتبطة بطاعة رسول الله .المذيع:
صلى الله عليه وسلم ، الله يفتح عليكم شيخنا .
إذاً إذا كان النزاع شيخنا دائماً بين أي شريكين هذا مدعاة إلى أن يضعفوا ، وأن تذهب ريحهم ، أي ألا تكون الغلبة ولا النصرة لهم ، الفروقات بيننا دكتور ، في طريقة تفكيرنا ، في طريقة إدارتنا للحياة ، ستؤدي إلى اختلافات فيما بيننا ، كيف يمكن شيخنا أن تحترم هذه الاختلافات حتى لا تصبح منازعة ؟
الإيمان بالآخرة يحلّ كل المشكلات :
الدكتور محمد راتب :
أنا لي ملمح قبل أن أتابع : المؤمن لأنه آمن بالآخرة ، ما لم نؤمن بالآخرة مع الدنيا، لو آمنا بالآخرة تُحل كل مشكلاتنا ، فإذا لم آخذ حقي كما أتمنى ، لي عند الله حق آخذه يوم القيامة
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾
أي الرسول يطاع استقلالاً ، في حديث صحيح مجمع عليه ، نطيع هذا الأمر ، ولو لم نجد له أصلاً في القرآن :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾
أي استقلالاً ، أما :﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾
تبعاً .(( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ))
(( عن رجاء بن ربيعة رحمه الله قال : كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر الحسين بن علي ، فسلم فرد عليه القوم السلام ، وسكت عبد الله بن عمرو ثم رفع ابن عمرو صوته بعدما سكت القوم فقال : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، ثم أقبل على القوم فقال : ألا أخبركم بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء ؟ قالوا : بلى ، قال : هو هذا المقفي ، والله ما كلمته كلمة ولا كلمني كلمة منذ ليالي صفين ، ووالله لأن يرضى عني أحب إلي من أن يكون لي مثل أحد . فقال له أبو سعيد : ألا تغدو إليه ؟ قال : بلى ، فتواعدوا أن يغدوا إليه ، وغدوت معهما ، فاستأذن أبو سعيد فأذن فدخلنا ، فاستأذن لابن عمرو فلم يزل به حتى أذن له الحسين ، فدخل فلما رآه زحل له وهو جالس إلى جنب الحسين فمده الحسين إليه ، فقام ابن عمرو فلم يجلس ، فلما رأى ذلك خلا عن أبي سعيد فأزحل له ، فجلس بينهما ، فقص أبو سعيد القصة فقال : أكذاك يا ابن عمرو ؟ أتعلم أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء ؟ قال : أي ورب الكعبة ، إنك لأحب أهل الأرض إلى أهل السماء . قال : فما حملك على أن قاتلتني وأبي يوم صفين ؟ والله لأبي خير مني . قال : أجل ولكن عمرو شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عبد الله يصوم النهار ويقوم الليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' صلّ ونم ، وصم وأفطر ، وأطع عمراً ' . فلما كان يوم صفين أقسم علي والله ما كثرت لهم سواداً ولا اخترطت لهم سيفاً ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم . فقال الحسن : أما علمت أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ؟ قال : بلى . قال : كأنه قبل منه))
والآية دقيقة جداً :﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ ﴾
استقلالاً﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾
لكن لم تقل:﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾
تبعاً ، مادام الذي يأمر يأخذ من رسول الله الحكم الشرعي ، لا يوجد مشكلة، أما إذا كان الأمر يتناقض مع كلام النبي الكريم ، أو مع القرآن الكريم فهذا :(( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ))
المذيع:الله يفتح عليكم دكتور ؛ جميل ! إذاً شيخنا على الإنسان إذاً في هذه الحالة أن يحاول ما استطاع أن يقلل من جانب الخلافات ، والنزاعات ، حتى لا تمحق البركة بين هذه الشراكة ، وليكون هنالك اتفاقٌ وقوةٌ ، كما تفضلتم بين الناس .
ما من قضيةٍ موضع منازعة إلا ولها حكم في القرآن أو في السنة :
الدكتور محمد راتب :
دقيقة :
﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾
معنى ذلك أيعقل أن يردنا الله إلى جهتين ليس فيهما الجواب ؟ أبداً ، كأن الله عز وجل في هذه الآية ، في قسمها الثاني أشار إلى أن ما من قضيةٍ موضع منازعة إلا لها حكم في القرآن أو في السنة .﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾
لا يعقل أن يردنا الله إلى شيء لا نجد فيه طلبنا ،﴿ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾
المذيع:المقصود أن لهما جواباً بالكتاب أو بالسنة دكتور ، بالمنهج العام ، أي قد يكون هنالك خلاف في قضية مثلاً مرتبطة بالأمور المالية ، والضريبة ، لا يوجد نص صريح واضح مباشر بها لا بالكتاب ، ولا بالسنة ، لكن كما تفضلتم قبل قليل ، مثلاً :
﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾
هنا يسأل صاحب القصة ، هذا هو الحكم فيها دكتور ؟الدكتور محمد راتب :
نعم .
المذيع:
الله يفتح عليكم سيدنا ، نستأذن فضيلتكم شيخنا الكريم ، مستمعينا الكرام ، لنقف معاً إلى فاصل قصير بعد ذلك نعود بحول الله تعالى على الهواء لمواصلة رحلة العلم والإيمان ، مع فضيلة العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي ، وحديثنا عن ضوابط الخصومة ، فابقوا بالقرب .
من جديد على الهواء مباشرة ، عبر أثير إذاعتكم حياة FM ، مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، على الهواء مباشرة معكم ، مستمعينا الكرام .
في هذه الحلقة نتحدث تحت عنوان : إدارة الخصومة ، وضوابط الخصومة ، من ناحيةٍ شرعية .
شيخنا الحبيب ؛ قبل الفاصل ذكرتم فضيلتكم من ضوابط الخصومة ، وإدارة النزاع بين المسلمين أن يكون هنالك مقياس شرعي يعتمد ويحتكم إليه ، وإذا لم يكن هنالك قضية واضحة في الشرع فيسأل أهل الذكر ، ألا وهم أهل الاختصاص .
القضية الثانية : إذا لم يستطع الطرفان أن يصلوا إلى حل ، فلابد أن يكون الحكم لقاض ، أو لحكمٍ عدلٍ يرتضيه كلا الطرفين .
والقضية الثالثة : كلما كانت القلوب متحدة كانت النتيجة أقوى بين الشركاء ، في الزواج ، في العمل ، في أي شراكةٍ في هذه الحياة ، لكن أيضاً لا بد لنا من محاولة تقريب وجهات النظر ، وتقليل الخلافات بينهما .
سأذكر قضيتين دكتورنا الحبيب ، وأستمع إلى تعليق فضيلتكم عن الأولى ، فيما ورد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام ، عن آية المنافق منها :
(( إذا خاصم فجر ))
بعض الأشخاص شيخنا إذا كانت هنالك خصومة بينه وبين غيره أخرج ما لديه من أسرار ، أذاهُ في قضايا لا ترتبط بموضوع الخصومة ، ما تعليق فضيلتكم دكتور ؟معرفة الله أصل الدين :
الدكتور محمد راتب :
والله الإنسان لابد من أن يعرف الله ، وأن يعرف مصير الطائع ، ومصير العاصي، مصير المحسن ، ومصير المسيء ، عندنا ثمانية مليارات إنسان بالأرض ، هؤلاء جميعاً حريصون على سلامتهم ، وسعادتهم ، ضابط مشترك ، ثمانية مليارات إنسان ، من يتمنى الفقر ؟ ولا واحد ، من يتمنى المرض ؟ من يتمنى القهر ؟ أبداً ، ثمانية مليارات إنسان حريصون حرصاً لا حدود له على سلامتهم ، أما نحن كمؤمنين فالسلامة الحقيقية باتباع تعليمات الصانع .
مثل بسيط : راكب سيارتك ، على لوحة البيانات تألق ضوءٌ أحمر ، إن فهم سائق السيارة ، أو صاحب السيارة أن هذا التألق تزيينياً احترق المحرك ، وإن فهمه تألقاً تحذيرياً سلم المحرك ، أوقف المركبة وأضاف الزيت .
فالبطولة لا أن نفهم ما الذي وقع ، البطولة أن نفهم لماذا وقع الذي وقع ؟ هذا شيء، أن تفهم حكمة هذه المشكلة ، حكمة هذا الضيق ، هذه الشدة ، هذا المرض ، لابد من حكمة .
أعرف شخصاً ، عليه دفع زكاة ماله ، كان المبلغ اثني عشر ألفاً وخمسمئة ، زوجته طلبت منه عدم دفع الزكاة ، بل طلاء البيت ، ضغطت عليه ضغطاً شديداً ، مع الأسف استجاب لضغطها ، ولم يدفع الزكاة ، فقام بطلاء البيت كما تتمنى ، عمل حادثاً بسيارته - القصة دقيقة جداً - الفاتورة كانت اثني عشر ألفاً وخمسمئة ، تطابق الرقمين رسالة من الله عز وجل .
فالبطولة أن نفهم على الله ، البطولة لا يوجد مصيبة ، وسميت مصيبة لأنها تصيب الهدف تماماً ، الكبر له مصيبة ، والإسراف له مصيبة .
أقسم لي بالله إنسان أنه كان لا يدخل لبيته الحلويات إلا بالأواني الكبيرة ، ولا يدخل الفاكهة إلا بكميات كبيرة جداً ، قال لي : الآن أنقب بالقمامة حتى أعثر على شيء لم يؤكل بعد، فالله عز وجل إذا حاسب أدهش ، وإن أعطى أدهش ، فالبطولة أن أخضع لمنهج الله ، لمنهج خالق الأكوان ، لمنهج الرحيم الرحمن ، لأطيعه في كل شيء .
عفواً أستاذنا الكريم ؛ نحن عندنا عبادات شعائرية ، صلاة ، صوم ، حج ، زكاة ، نطق بالشهادة ، وعندنا عبادات تعاملية ، هذه تبدأ من فراش الزوجية ، وتنتهي بالعلاقات الدولية، كسب مالك ، إنفاق مالك ، علاقاتك مع الأقوياء ، سلوكك بنزهة ، بإجازة ، عندك تفاصيل كثيرة بالحياة، وأنا أفهم هذا الدين أنه يغطي حركات الإنسان من أخص خصوصياته إلى أكبر الموضوعات ، بعبارة مألوفة : من فراش الزوجية وتنتهي هذه التعليمات بالعلاقات الدولية ، الإنسان غال على الله ، لكل حركة ، لكل سكنة ، بالأزمات ، مع الأقوياء ، مع الفقراء ، مع الأغنياء حينما تكون قوياً ، أو ضعيفاً ، وهكذا .
المذيع:
شيخنا ؛ بعض الناس حينما يكون هنالك خصومة تتحول إلى حقد وغلّ في قلبه وبالتالي هو يفقد كل المودة ، والاحترام ، والثقة بكل تفاصيل هذا الإنسان ، هل هذا الشيء نملكه؟ أي إذا أنا اختلفت مع إنسان بالشراكة ، هل أستطيع أن أبقى صديقاً له أو زميلاً أم أن الإنسان إذا شعر بالخصومة يخسر كل هذا ؟
المؤمن ودود :
الدكتور محمد راتب :
والله بين المؤمنين هذا الشيء لا يقع ، مؤمنان شريكان بشركة ، كبر الأولاد ، لئلا يقع خلاف بين الأولاد ، وخصومات ، فك الشركة ، على طيب ، وعلى مودة ، ممكن أن تنفذ أمر الله وأنت بمودة ، بلا صعوبة ، فدائماً نحن نبتعد عن العنف كلياً ، عندنا حسابات دقيقة ، يأخذ كل إنسان حقه ، هذا له أولاد ، وهذا له أولاد ، وهناك خصومات بين الأولاد ، نحن ننهي الشركة إنهاء طبيعياً ، سلمياً ، لطيفاً ، وهكذا .
المذيع:
هل يستطيع الإنسان مواصلة الحياة مع إنسان قامت بينهما منازعة أو خلاف ، أي لو كان لك شريك دكتور مثلاً وانفصلت من هذه الشراكة ، هل تستطيع أن تزوره في بيته وأن يبقى هنالك اتصال بينكما أم أن الخلاف قطع كل التواصل ؟
المعاناة من المشاكل عند إدخال العلاقات الاجتماعية مع المصالح :
الدكتور محمد راتب :
الأصل أن نفك الشركة ، وأن يبقى الود بيننا ، هذا الأصل ، الإنسان عندما يدخل علاقاته الاجتماعية مع مصالحه تنشأ مشكلة طبعاً .
المذيع:
جميل ، سيدنا ، في قضية :
(( إذا خاصم فجر ))
هل يبرر للإنسان أن هنالك شخصاً خانني ، أو سرق مني مبلغاً من المال ، هل يبرر لي أن أفضح سره أو أن أذكره بسوء ؟الموضوعية قيمةٌ أخلاقية وعلمية :
الدكتور محمد راتب :
سيدي اسمح لي بهذه الكلمة الدقيقة ، شاكر لك على هذا السؤال : الموضوعية قيمةٌ أخلاقية ، والموضوعية قيمةٌ علمية ، ونت إذا كنت موضوعياً فأنت أخلاقي ، وأنت عالم .
الدليل : النبي الكريم عقب بعض المعارك ، أراد أن يستعرض الأسرى ، هو يستعرضهم فإذا بصهره ، زوج ابنته مع الأسرى ، قال له النبي كلمة : والله ما ذممناه صهراً ، كان صهراً ممتازاً ، هذه الموضوعية هي سبب إسلامه ، الموضوعية قيمة أخلاقية ، الموضوعية قيمة علمية ، أنت إذا كنت موضوعياً ، أنت أخلاقي ، وأنت عالم ، الموضوعية أعدها أنا شيئاً أساسياً في الدين : والله ما ذممناه صهراً ، لك شريك اختصمت معه ، لا تنس إيجابياته ، اذكر إيجابياته ، واعمل حلاً لهذه المشكلة ، هذه هي الموضوعية ، أنت موضوعي فأنت مؤمن ، أنت موضوعي فأنت أخلاقي ، القيم الأخلاقية مع القيم الموضوعية مع القيم الإسلامية .
المذيع:
إذاً له الحق شيخنا مثلاً أن ينهي هذه الشراكة ، لكن لا يحق له مثلاً أن يذكره بسوء، أو يفضح أسراره التي ائتمنها عليه بالسابق .
المؤمن ستير :
الدكتور محمد راتب :
المؤمن ستير ، تخلقوا بأخلاق الله .
المذيع:
ونعم بالرحمن ، سنستأذنكم شيخنا الكريم بالتنويه لمستمعينا الراغبين بالمشاركة معنا على الهواء ، بهذا الموضوع تحديداً عن ضوابط الخصومة .
معنا كريم ، تفضل أخي كريم .
المستمع :
بارك الله بك ، السلام عليكم دكتور ، نحن نحبك في الله .
الدكتور محمد راتب :
بارك الله فيك ، وأنا كذلك .
المذيع:
من أين تتحدث أخي الكريم ؟
المستمع :
من تونس .
المذيع:
أنعم وأكرم بك وبأهل تونس الكرام ، تفضل .
المستمع :
كان هناك أذى من الأخوة ، وهناك مشكلة خصومة على تركة من الوالدين ، أنا يأتي في خاطري أن التنازل والبعد عن هذه المشاكل هو الحل الأنسب ، لكن رأي الدكتور هو الأفضل أكيد ، ما رأيك دكتور ؟
المذيع:
شكراً لك سؤال مهم جداً .
كيفية حلّ الخلافات بين الأخوة :
الدكتور محمد راتب :
اسمع الكلام .
ليس بخيركم من عرف الخير، ولا من عرف الشر ، ولكن من عرف الشرين وفرَّق بينهما، واختار أهونهما .
أحياناً يجب أن تعرف الشرّين أيهما أقل ؟ ليس بخيركم من عرف الخير - سيدنا عمر - ولا من عرف الشر، ولكن من عرف الشرّين ، وفرَّق بينهما ، واختار أهونهما .
المذيع:
النصيحة الشخصية لفضيلتك دكتور ، إذا كانت هذه الخلافات حول تركة الوالد -رحمه الله - ستؤدي إلى خصومة بين الأخوة ، لكنك تعتقد أن أحدهما يتجبر في هذا الجانب ، هل تنصح بأن يدافع الإنسان عن حقه ؟
الدكتور محمد راتب :
نعمل عقد تحكيم ، عقد تحكيم ، يأتي محكم مقبول عند الطرفين ، والمحكم معه أدلة ، ومعه خبرة ، فإذا اختلفنا مع بعضنا بعضاً ، لابد من التحكيم .
﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً (35)﴾
المذيع:وهو يحكم بالميراث الشرعي .
الدكتور محمد راتب :
هذا الحكم الإسلامي الصحيح ، اختلف شريكان ، هناك تجار كبار محكمون بينهما، وحكمهم مقبول بالدولة ، يصدر حكم موقع ، انتهى الأمر .
المذيع:
سيدنا في موضوع الميراث الحكم واضح للميراث الشرعي ، ويقضي به القاضي الشرعي ، الآن شيخنا إذا أحد الأخوة رفض هذا الحكم ، مثلاً أراد شيئاً إضافياً ، أو أنكر شيئاً ما، هل تدعو الإنسان أن يحافظ على حقه أم من أجل بقاء الأخوة أن يتنازل نوعاً ما ، ما رأي فضيلتكم ؟
الدكتور محمد راتب :
والله هذا موضوع اختياري ، أهون الشرين ، إذا أنا ممكن أخسره كلياً من أجل مبلغ ممكن أن أتساهل فيه ، أنت اخترت أهون الشرين .
المذيع:
إذاً للحكمة دكتور دور كبير ، بارك الله بك شيخنا .
الدكتور محمد راتب :
دائماً عندنا شر وأشر ، مشكلة كبيرة ، خلاف على مبلغ خمسة آلاف ، أنا أتساهل معه ، طبعاً أتساهل معه على أساس أن تبقى العلاقة طيبة بيننا ، لكن أريد أن أعيدها مرة ثانية للأخوة المستمعين : ليس بخيركم من عرف الخير، ولا من عرف الشر، ولكن من عرف الشرين وفرَّق بينهما، واختار أهونهما .
المذيع:
إذاً له الحق الشرعي أن يحافظ على حقه ولا يتنازل ، أو أن يعفو عنه ، ويكسب أخوته ، ويقدر أيهما الأولى ، شكراً لكم شيخنا .
عبادة تفضل باتصال جديد .
أسئلة المستمعين :
المستمع :السلام عليكم ؛ أنا عندي سؤال وشكر بنفس الوقت ، أبدأ بالشكر أولاً أحب أن أشكر الإذاعة على البرامج الرائعة التي تقدمها .
ثانياً ؛ أشكر الدكتور لأنني رأيت من خلاله أن إسلامنا جميل جداً ، وديننا دين تسامح ، ودين بسيط ، وحببني فعلاً بالدين ، حببني بكل أنواع الخير الموجودة في إسلامنا ، أنا أسمعه يومياً ، لا أضيع حلقة من حلقاته ، أشكره كثيراً ، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته إن شاء الله ، نفسي أراه شخصياً صراحةً .
الشيء الثاني : عندي صديق ، صديقي هذا مسيحي ، أسلم من دون علم أهله ، الآن إذا عرف أهله أنه مسلم ممكن أن يعاني من مشاكل كثيرة ، حالياً هو تزوج .
المذيع:
تزوج من مسلمة ؟
المستمع :
لا ، تزوج من مسيحية ، هو لا يعرف ماذا يفعل ، صار عنده ولد حالياً ، هو لا يعرف ماذا يفعل ، وبنفس الوقت تائه ، يقول لي : أنا وصلت للطريق الصحيح ولا أريد أن أرجع مرة ثانية ، وحالياً طبعاً لا أريد أن أعمل أي شعائر من شعائر الدين ، أي لا يصلي ولا يصوم ، إلى آخره .
المذيع:
أريد أن أفهم منك لا يقوم بهذه الشعائر أم لا يفعل ذلك أمام زوجته ؟
المستمع :
لا يقوم بها أمام زوجته .
المذيع:
لكنه يصلي بالسر عنها ؟
المستمع :
نعم يصلي بالسر عنها ، لكنه عندما يكون في البيت لا يصلي ، لأنه حاول مرة أن يخرج من البيت يوم إجازته فصار مشاكل بينه وبين زوجته ، يوم إجازتك تريد أن تخرج ، إلى آخره .
المذيع:
أنت سؤالك ماذا يفعل في ملف الزواج الآن ؟
المستمع :
ماذا يفعل بملف الزواج ، وهذا الشخص كيف ممكن أنه يبني حياته ؟
المذيع:
بارك الله بك أخي عبادة ، شكراً لك ، تستمع إن شاء الله إلى إجابة وافية من الدكتور .
سحر تفضلي ، أختي الكريمة باتصال جديد .
المستمع :
السلام عليكم ؛ ممكن أسأل الدكتور محمد راتب النابلسي سؤالاً عن صديقتي ؟
لي صديقة سرقت مبلغاً كبيراً من صديقتها .
المذيع:
ماذا فعلت عفواً ؟
المستمع :
سرقت مبلغاً كبيراً ، أي فوق طاقتها ، لا تستطيع أن تسدده لها ، وهي تابت واستغفرت ، أي تابت توبة نصوحة ، لكن من سنوات وهي تفكر بهذا المبلغ ، ولم تستطع أن ترجعه لها ، ماذا يتوجب عليها ؟
المذيع:
هل عرفت السيدة التي سرق منها هذا الأمر أم لم تعرف ؟
المستمع :
هذا الشيء الذي أريد أنا أن أتكلم به ، أنها لا تستطيع أن تذهب إليها وتصارحها ، لأنها سوف تخسرها ، وممكن أن تشتكي عليها ، أو تعمل لها مشاكل ، أريد أن أعرف ماذا يتوجب عليها ؟
المذيع:
بارك الله بيك ، سؤال أيضاً مهم ، شكراً لك أختي سحر .
شيخنا الحبيب ، نعود إلى سؤال أخينا عبادة ، لكن سنستأذنكم شيخنا ، سنعود للإجابة بعد الفاصل ، حتى لا نطيل بإذن الله رب العالمين .
شيخنا الفاضل دكتور محمد راتب النابلسي ، مستمعينا الكرام ؛ وقفة قصيرة مع الإعلانات ، نعود بعدها للإجابة على هذه الأسئلة ، وإلى المزيد من مشاركاتكم بإذنه تعالى فابقوا بالقرب .
من جديد مرحباً بكم ، على الهواء عبر أثير إذاعتكم حياة FM ، مع فضيلة العلّامة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي ، وحديثنا عن ضوابط الخصومة .
شيخنا الحبيب ، قبل الفاصل كان معنا سؤالان ، عبادة كان يتحدث عن صديق لم يكن مسلماً ، وأسلم ، وهو مسلمٌ بالسر ، لبعض الظروف العائلية لديه ، وقبل إسلامه كان متزوجاً من سيدة كتابية فاضلة ، وله منها أطفال ، وهو يخفي إسلامه عنها ، ما هي نصيحة فضيلتك له لأنه لا يستطيع أن يقوم بشعائره أمامها ويبدوا لبعض الاعتبارات العائلية ، ماذا يفعل ؟
على الإنسان أن يكتم دينه إن توهم أن عليه خطراً كبيراً :
الدكتور محمد راتب :
والله أنا بعد أسبوع ، أو عشرة أيام أكون بعمان ، أعطه تلفوني ، نلتقي لأن هذا الأمر يحتاج إلى شرح دقيق جداً .
المذيع:
سيدنا ، لمن أثاره الفضول من المستمعين ، وله حالة مشابهة ، كجواب عام لفضيلتكم ما هي النصيحة العامة بعيداً عن تفاصيل هذه القصة دكتور ، لمن يتزوج من غير مسلمة كتابية ، ومن ثم اهتدى للإسلام ، أو أصبح متديناً ، ماذا تنصحه شيخنا بالعموم ؟
الدكتور محمد راتب :
والله إذا كان في خطر كبير جداً عند إعلان إسلامه ، ممكن أن يخفي إسلامه .
﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28)﴾
إذا كان هناك خطر ، خطر حقيقي غير متوهم ، هذا الكتم مقبول عند الله عز وجل.المذيع:
في موضوع البقاء مع هذه الزوجة دكتور ؟
الدكتور محمد راتب :
لا هذا مسموح إذا هو أسلم وهي كتابية مقبولة أن تبقى عنده .
المذيع:
لعل الله يهديها .
الدكتور محمد راتب :
لأن القرار بيده .
المذيع:
جميل ! شيخنا ، سحر طرحت أيضاً سؤالاً عن صديقة لها ، سابقاً سرقت مبلغاً ضخماً من المال ، هذه السارقة بين قوسين تابت الآن ، لكنها لا تملك قدرة مالية على الأداء ، ماذا تفعل رغم أن المرأة التي سرق مالها لا تدري بهذا الأمر للآن ؟
أداء الحقوق إلى أصحابها واجب كل إنسان :
الدكتور محمد راتب :
والله لابد أن يدفع المبلغ بطريقةٍ أو بأخرى ، ليس كله .
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا َ﴾
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)﴾
أن تضع لها المبلغ بغرفتها مثلاً ، لا تعرف ما السبب .المذيع:
هي لا تملك المبلغ شيخنا ؟
الدكتور محمد راتب :
لابد من أن يصل الحق لها .
المذيع:
سيدنا هذه المرأة لا تملك المبلغ اليوم .
الدكتور محمد راتب :
مادامت لا تملك عند الله لها معاملة خاصة .
المذيع:
هل يجب أن تستسمح من صاحبة المال الذي سرقته منها ؟ هل يجب أن تعلمها ؟
الدكتور محمد راتب :
والله يجب أن نأخذ أهون الشرين ، إذا كان أعلمتها فكان هناك عقاب كبير جداً لا تحتمله هناك مشكلة .
المذيع:
عفواً شيخنا ، أليست مذنبة وتستحق العقاب ؟
الدكتور محمد راتب :
طبعاً ، لكن نحن لسنا مكلفين أن نقول : تعالوا عاقبوني ، هذا فوق طاقة البشر .
المذيع:
عفواً شيخنا ؛ هي سرقت مبلغاً من المال ، الآن المرأة التي سرق منها لا تعرف السارق ، ولم تستسمحها ، ولم تؤدِ لها المال ، الآن تتحقق المضرة الكبيرة هنا ، أنا ماذا استفدت من توبتها إذا أضرت غيرها ضرراً كبيراً ؟
الدكتور محمد راتب :
هذه المرأة التي لا تملك المبلغ ، ما الحل ؟ لا يوجد حل ، أي الذي لا يملك المبلغ هناك آيات تعطيه مهلة :
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)﴾
المذيع:إذاً أنا أتساءل شيخنا بالعموم ، ألا يجب مثلاً أن تدفع ثمن خطئها وسرقتها ؟ وأنها قامت بصرف هذا المبلغ ، وتنعمت فيه سابقاً ، ألا يجب أن تحاسب حسب قانون اليوم أو أن تعفو عنها ؟
الدكتور محمد راتب :
هل تستطيع أن تقول لإنسان : تعال حاسبني ؟! هذا فوق طاقة البشر ، إذا كان الحاكم قد ضبط المخالفة ينفذ الحكم .
المذيع:
ماذا تنصحها الآن إذاً شيخنا ؟ تحاول أن تسعى إلى إيجاد المبلغ بأقرب فرصة وأدائه ؟
الدكتور محمد راتب :
نعم عليها أن نؤدي المبلغ بالتقسيط ، وهذا مقبول .
المذيع:
الله يفتح عليكم شيخنا ، ويجزيكم عنا كل خير يا رب العالمين .
الدكتور محمد راتب :
بارك الله بك .
المذيع:
سيدنا في موضوعنا عن ضوابط الخصومة هناك قضيةٍ شرعية ، ربنا قال في القرآن الكريم :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)﴾
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم :(( عن أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم والصلح جائز بين المسلمين))
هل تنصح الشركاء دائماً أن تكون التفاصيل في حياتهم مكتوبة وهذا ممكن أن يقلل الخلافات في المستقبل ؟الكتابة تقي الإنسان من المشاكل :
الدكتور محمد راتب :
﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ﴾
آية قرآنية ، كل ما ليس في القرطاس يضيع ، لا تكن علاقاتك شفهية ، اكتب كل شيء ولو كانت الأشياء دقيقة :﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ﴾
الكتابة واقية، الكتابة فيها نصيحة ، اكتب ، ثم سامح لا يوجد مانع ، اكتب ، أي إذا توفى المدين ، يقول لك ابنه : أنت لا يوجد لك عندنا شيء ، من أنت ؟ مادام معك وثيقة انتهى الأمر .المذيع:
الله يفتح عليكم دكتور.
الدكتور محمد راتب :
﴿ وَلَا تَسْأَمُوا ﴾
الإجابة الدقيقة ، الجامعة ، المانعة لهذا السؤال : :﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ﴾
المذيع:وهذا يقاس شيخنا أيضاً على الشركاء في السكن ، في الأجار ، في العمل ، وبالتالي التفاصيل المكتوبة تحمي سوء وجهات النظر والخلافات .
اتصالنا الأخير من أمجد ، تفضل ، أمجد مرحباً بك معنا ، تفضل .
المستمع :
السلام عليكم أستاذ نديم ، يعطيك العافية .
سؤالي بالنسبة للخصومة : الخصومة بين الزوج والزوجة ، خصوصاً إن كانت دون سبب ، إذا كانت الخصومة هي عدم تحمل ، أو عدم تطابق ، كيف ممكن أن يلجأ الإنسان إلى حلّ مشكلة مثل هذه أو يتجنبها ؟
المذيع:
سؤال مهم جداً ، بارك الله بك أخي أمجد ، شيخنا الخصومة بين الأزواج التي تتكرر كثيراً وأحياناً دون أسباب كبيرة ، لكنها تتكرر بشكل دوري ؟
على الزوجين تجنب نقل الخصومة بينهما خارج البيت :
الدكتور محمد راتب :
والله الذي لا إله إلا هو لا أتمنى على أي إنسان يستمع إلى هذا اللقاء الطيب أن ينقل خصومته خارج البيت .
﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34)﴾
الآية دقيقة جداً ، إذا أحبّ أن يهجر زوجته في المضجع لئلا يعلم الأولاد ، فما قولك فيما غير الأولاد ؟ هذا البيت مقدس ، عقد الزواج أقدس عقد على الإطلاق .﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (21)﴾
أتمنى من أعماقي أن الخلافات الزوجية ينبغي ألا تخرج من البيت ، ولو لأقرب الناس .المذيع:
سيدي يوجد معنا ثلاثون ثانية ، شيخنا الختام .
الدكتور محمد راتب :
تكون أنت قد أنهيت الخلاف مع زوجتك ، وانتهى كل شيء ، الذي تكلمت له عن هذا الموضوع يسألك : ماذا حصل معك ؟ الإنسان المؤمن ستير ، رجاء وتمنيات لكل إنسان مستمع ، ما بين الزوجين عليه أن يبقى في غرفة النوم فقط .
المذيع:
الله يفتح عليكم دكتور .
الدكتور محمد راتب :
ليس كل شخص هجر زوجته نام بغرفة الجلوس ، الأولاد عرفوا ، الله قال:
﴿ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ﴾
لئلا يعلم الأولاد .المذيع:
بوركتم شيخنا الحبيب ، وجزاكم الله خيراً ، وصلنا إلى ختام الوقت ، نستأذنكم بالدعاء ، ونسأل الله القبول .
الدعاء :
الدكتور محمد راتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر مولانا رب العالمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أ